رقمنة حكومة إقليم كوردستان: المنافع والتحديات


عيدو عبدال خاموكا

المعهد التقني شيخان

يترتب على استخدام تكنولوجيا المعلومات في مجال الحوكمة منافع وفوائد كبيرة، استطاعت الكثير من الدول في العالم ان تتمتع بها منذ اكثر من عقدين من الزمن. ومن بين اهم هذه الفوائد هي سهولة وصول المواطنين الى المعلومات والخدمات التي تقدمها الحكومة دون التقييد بالحدود المكانية والزمانية، وانخفاض تكاليف تنفيذ المعاملات وزيادة الكفاءة وتقليل البيروقراطية بالإضافة إلى مكافحة الفساد الإداري والمحسوبية وزيادة فرص الشفافية وتعزيز المسائلة، وإشراك المواطنين في عملية صنع القرار عبر اليات تتبعها الحكومة عند تطبيقها لتكنولوجيا المعلومات في إطار ما يسمى بـ (الحكومة الالكترونية).

وفي سياق ذلك قد تكون التجارب المماثلة لتجربة إقليم كوردستان احوج من نظيراتها في الدول المتقدمة ذات تراث سياسي واداري ومؤسساتي عريق في اعتماد تقنية المعلومات وبشكل واسع في المجالات الحكومية وذلك للأسباب التالية:

  1. طبيعة المجتمع التقليدي والعشائري في اقليم كوردستان يشجع إلى حدٍ كبير ظاهرة المحسوبية وصلات القرابة في المؤسسات الرسمية.
  2. البيروقراطية التي تتميز بها بعض المؤسسات والتي تؤثر سلبياً على العلاقة بين المواطن والحكومة.
  3. ظاهرة الفساد الإداري في بعض المؤسسات والتي لاتزال تشكل تحديا يواجه حكومات الإقليم المتعاقبة.
  4. البيئة الأمنية للإقليم تتطلب إقامة نظام حكومة الكترونية يكمن ان يساهم في مواجهة الجريمة على مستوى الامن الداخلي والقومي، وخاصة بعد تطوير مجال الذكاء الاصطناعي.
  5. تراجع رغبة المواطنين في المشاركة السياسية لا سباب تتعلق بالروتين الإداري ورغبة البعض في بناء حواجز بين المواطن والحكومة.

وحسب وجهة نظري ان اعتماد حكومة الكترونية مصممة بشكل احترافي ومهني سيوفر فرصة كبيرة للحكومة في معالجة الكثير من المشاكل والظواهر السلبية المشار اليها أعلاه وبالتالي يمكن ان للحكومة ان تتفرغ لمجالات تنموية أخرى. وفي حدود معرفتنا ان لحكومة الإقليم مبادرات ومحاولات جدية في رقمنة الحكومة منذ عدة سنوات ولكن ما تحقق من ذلك لا يرتقي إلى ما نطمح اليه، فلذلك ينبغي ان نسأل عنما هي الأسباب والعقبات التي تقف وراء ذلك؟

واعتقد انه بدون ان ندخر جهدا كبيراً يمكننا ان نحدد أو نشخص جملة من تلك الأسباب، ومنها:

  1. المستفيدون من ضعف وغياب دور المؤسسات القانونية والرسمية لحكومة الإقليم وهم نفسهم المنتفعون من بقاء ظاهرة المحسوبية والفساد وعدم الشفافية لا يرغبون ولا يشجعون على اعتماد تكنولوجيا المعلومات في مجال الحوكمة في الإقليم.
  2. عدم توفر المواد المالية الكافية لإنجاز الحكومة الالكترونية وكذلك الافتقار إلى الخبرات الفنية اللازمة في الكثير من الدوائر الحكومية.
  3. التراث الثقافي والاجتماعي للمواطنين وعدم امتلاك الكثير منهم المعرفة الكافية في استخدام تكنلوجيا المعلومات، أضافة إلى عدم ثقتهم بإجراء معاملاتهم لدى الحكومة افتراضياً.
  4. الإطار القانوني للمؤسسات الحكومية احياناً غير ملائم لتطبيق الحكومة الالكترونية، فلذلك يجب تحديث وتكييف ذلك الإطار بما يوافق عصر التكنولوجيا.
  5. عدم الاستقرار والتحديات السياسية والأمنية والاقتصادية في المنطقة بصورة عامة.
  6. يساهم استخدام التكنولوجيا في المجال الحكومي نسبياً في تقليل حاجة الحكومة للعاملين في قطاعاتها، وهذا يترتب عليها نوعا من البطالة، فلذلك لا يشجع الكثير ممن هم موظفون لدى الحكومة وكذلك ممن يرغبون العمل في القطاع العام ان يتم اعتماد الحكومة الالكترونية.

ورغم ذلك فإنه مهما كانت التحديات حسب رأيي فإنه من الضروري ان تعمل الحكومة بكل جدية على رقمنة مؤسساتها واعتماد الحكومة الالكترونية ليس للأسباب الخاصة بالإقليم فحسب بل هناك توجه عالمي في هذا المجال ينبغي ان نواكبه. إضافة إلى استخدام الحكومة الفدرالية في العراق بشكل ملحوظ لمنصات الكترونية لتقديم بعض خدماتها للمواطنين، على الرغم من الإقليم قد سبقها في ذلك ولكن في إطار محدود.